نعم والله لقد عرفوا حق الأم ومكانتها في الإسلام فعظموها وكبروها ولم يكونوا أبدا يهينوها، فما أكرمت أي ديانة أو شريعة أو قوانين الأم كما أكرمتها شريعة الإسلام الغراء، وأقصى ما وصلت إليه المدنية الغربية الغبراء التي أهانت النساء، والأسرة عندهم في تمزق وتشتت وشقاء، حيث الأبناء الصغار ينفصلون تاركين بيت الآباء، وتنقطع الروابط وأواصر المحبة فلا انتماء، وليس للأم عندهم أي حق أو وفاء، فإذا مرضت لم تجد من يسأل عنها ويرعاها كأنّها بين الأعداء، ليس لها أحباب وعندما أكرموها جعلوا لها عيد الأمهات فيا للجفاء، يرمونها طوال العام ويذكروها يوما واحدا فيا لها من مدنية عن كل خير بتراء، عذرا إنّ الأم لا تستحق هذا العقوق وهذا العناء، فيا إخوتي لا تتبعوا سبيلهم فإنّه طريق الشقاء، إنّ البر في الإسلام كل يوم والهدايا بصفة دورية فلا ينقطع العطاء، أمّا أن نتذكرها يوما واحدا في العام بالبر والإهداء، فهذا محض القطيعة والعقوق والجفاء، فأين المحبة حينئذ والمودة والبر والصفاء، لو كان البر يوميا والهدايا باستمرار لما كان هناك معنى لعيد الأم ولكان الاحتفال به محض الغباء، ولكن لما ضاع الحب والبر وانتشر العقوق وأصبحت الأمة عن دينها صماء، وقتها احتفلت بأعياد الكفار لعلها تقلل من العقوق والجفاء، فيا لوعة القلب هل ضاع حق الأم وبرها فلم يعد له بقاء، وهل انقطع عن الدين الانتماء، فأصبحنا نحتفل بأعياد غيرنا من الأعداء أم يا ترى بهرتنا مدنيتهم الغبراء، فتركنا أقوال العلماء في حرمة الاحتفال بأعيادهم الشنعاء، لا يا إخوتي لا، إنّ الأم لا تستحق هذا الشقاء، ليس هكذا يكون البر والوفاء، إنّما حقها أن نجعل كل أيامها فرح وأعياد ومحبة وبر وصفاء فهي رمز العطاء فلا تقطعوا عنها العطاء.
لسوف أعود يا أمي أقبل رأسك الزاكي
أبثك كل أشواقي وأرشف عطر يمناك
أُمرغ في ثرى قدميك خدي حين ألقاك
أُروّي التُرب من دمعي سروراً في محياك
فكم أسهرتِ من ليل لأرقد ملأ أجفاني
وكم أظمئت من جوفٍ لترويني بتحنانك
ويوم مرضت لا أنسى دموعاً منك كالمطر
وعيناً منك ساهرةً تخاف عليّ من خطرِ
لسوف أعود يا أمي أقبل رأسك الزاكي
أبثك كل أشواقي وأرشف عطر يمناك
أُمرغ في ثرى قدميك خدي حين ألقاك
أُروّي التُرب من دمعي سروراً في محياك
فكم أسهرتِ من ليل لأرقد ملأ أجفاني
وكم أظمئت من جوفٍ لترويني بتحنانك
ويوم مرضت لا أنسى دموعاً منك كالمطر
وعيناً منك ساهرةً تخاف عليّ من خطرِ