كانت القرية تنعم بالسعادة و كل الناس سواسية طيبة , فرح , مرح , وأكثر ما يلفت نظرك وأنت داخل للقرية أشجار الورد التي تملأ المكان ... عبق الورد يملأ رئتيك , رائحة الورد تنسيك كل شئ ... و جاءت الأميرة الساحرة الفائقة الجمال إلى القرية و هرول كل أهل القرية لرؤيتها... كنت أنظر لها دوماً على إنها بلسم شافي لكل الجروح , كنت أحسبها فراشة تنشر الورد والعطر في المكان , كنت أُمني نفسي بأن أكون فارس أحلامها وأميرها المتوّج , وعندما جاءت إلى القرية أنذهل الكل بجمالها الصارخ , وكل منهم يتمني أن ترمقها بنظرة عينيها الساحرة القاتلة , وطلبت من أهل القرية أن يقيموا لها مظلة كبيرة ...!!! واقتربت منها طمعاً في أن أكون تحت مظلتها الرائعة التي تنشر الحب والجمال والهيام , وعندما اقتربت أكثر و أكثر لم أجد لي موضع قدم فالمظلة لا تسع الكثير , فقد جئتها متأخراً عن البقية ... ووقتها ندبت حظي التعيس و بكيت لأني فرّضت في فرصة العمر أو كما حسبتها بنفسي و نظرت لمن هم تحت المظلة فرأيت الغبطة والبهجة تملأ أعينهم و خلجاتهم و رجعت من حيث أتيت ساحباً أذيال الخيبة و الفشل ... ومرت أيام و شهور وفي إحدى الأيام أتاني طيفها وأنا في نومٍ جميل وكانت ترفع لي يدها وتناديني بكلتا يديها وصحوت من نومي مفزوعاً و سرعان ما ذال الذعر مني و استبدلت ثيابي و ذهبت إلي المظلة و كلي أمل و بهجة و حب بأن تكون في استقبالي وتأخذني في حضنها !!! وأنا في الطريق كان الناس يوجهون سؤالهم لي , إلى أين ذاهب أيها الفتى . وكنت أقول لهم وثغري باسم ... ذاهب إلى ملكتي تحت المظلة ... وكانوا يضحكون بسخرية و أصغرهم قال لي : ستحرقك فقد انزوى كل الناس عنها وبقيت أنت الأخير فأحذر أن تنفث سمومها فيك ؟ سموم !!! أمخبول أنت ؟ أميرتي تنفث السموم ؟ أهذه اللوحة الربانية التي هباها الله بهذا الجمال تنفث السموم ؟ لم ألتفت إلى ما يقولون ووضعت أصابعي على أٌذناي و هربت مبتعداً عنهم ... ووصلت بأقصى سرعة , ولكن يا للهول !!! ما أتعس هذا المنظر !!! المظلة خالية !!! أين الناس ؟ أين من كانوا يبيعون كل ما يملكون لرؤية الأميرة الساحرة الجمال ؟ أين هم الآن ؟ حتى أميرتي لا أراها ؟ أين هي ؟ و وقفت وسط المظلة و ناديت بأعلى صوتي : أميرتي , أميرتي , أميرتي ... و جلجل صدى صوتي في المكان كالزئير ... و رجعت خائباً و كلي حسرة و ألم , وضاعت كل أمنياتي و ضاع الحلم , و ضاعت الفرصة لمعانقة أميرتي الساحرة , وفجأة قطع صوت أفكاري وتأملاتي عجوز تجلس على ركن قصي من المكان وقالت لي : اقترب مني يا ولدي ... فاقتربت منها و سألتني : لما أراك مكتئباً حزيناً ؟ فقلت لها : ضاع الحلم بمعانقة أميرتي الرائعة صاحبة المظلة ؟ ذهبت دون أن أراها !!! ذهبت دون أن تضمني إليها !!! ذهبت ولم تخبرني أين أجدها !! وضحكت العجوز و ربتت على كتفي ووضعت على راسي قبلة حانية وقالت لي : الله يحبك لأنه لم يسهل لك أمر رؤيتها والجلوس إليها !!! فأنذهلت و نظرت لها وصرخت : لما تقولي هكذا جدتي ؟ لم تجاوبني و لكن ذهبت داخل كوخها الصغير الوضيع و أتتني بمزهرية رائعة الجمال و قالت لي : خذ هذه الوردة الجميلة و أزرعها في أرجاء القرية لتشتموا عطرها أنت و كل أهل القرية فمنذ أن بُنِيت هذه المظلة ضاع العطر من المكان و ضاعت القرية .... !!!