بعد التوكل على المولى القدير سوف أقوم بتدوين بعض الخواطر والمخاطر التي مرت بنا في مسيرة التعليم أنا واخى الودود الشيخ صلاح الدين خيري سعيد وسأحاول الاختصار ما أمكن والهدف هو التوثيق وتعريف الشبيبة مقدار المعاناة التي كابدناها من اجل العلم والتعلم . مرورا بدنقلا وكورتى وحتى الجيلى وانتهاء بالكاملين وبينهما ميز ألعزابه بالختميه وداخليات جامعة الخرطوم العامرة في تلكم الأيام وبعضا من بيوت الأهل مع قلتها وذهدنا فى ان نشغل الناس بمشاكلنا وأحوالنا وتاكيدا لمبدأ الاعتماد على النفس في كل الأحوال للمحافظه على المبادى والفكر الذى كنا نحمله واستمر الاخ صلاح خيرى فى حمل الفكر والنضال وتوقفت انا لاسباب سوف ياتى ذكرها لاحقا ( وفى تعريف الجماعه فانا منسلخ )
بدات رحلة الاخ صلاح من مدرسة دنقلا الثانويه العريقه وحينها كنت بالصف الثالث العام اى هنالك فارق بسيط بينى والشيخ صلاح فى الدراسه وليس العمر لكى لا يزعل -----! على مشارف العام 73/74تم قبولنا بالثانويه كورتى وكانت بداية الماساة لاننا كنا نعشم فى القبول بدنقلا لمكانتها وقربها من الاهل والوطن الصغير ولكن لحظنا الاجمل حققت كورتى نتيجه كبيره فى امتحانات الشهاده وكانت الثالث على مستوى الدوله وكانت الدفعه التى تخرج بها الاخ الاستاذ محمد فضل محمد وتم اختيار اوائل المدارس للقبول بكورتى دعما لموقفها وتشجعا للنتيجه المحققه ومن البلد كان معى اخى الشهيد الفاتح عثمان محمود رحمه الله رحمه واسعه --آمين . واخى تقى الدين شرقى درار من الشرقيه الخلاصاب وكمال محمد الحاج من دبله كودى واسماعيل عمار من ارقو وبعضا من الاخوه من بدين ومناطق المحس والدناقله المنتشره على طول النيل العظيم .
لم تكن الرحله من البلد الى دنقلا بالامر اليسير حيث يجب انتظار لوارى البوسته وهى مرتبطه بالباخره القادمه من كريمه وبالتالى كان يتحتم علينا الاستيقاظ قبل الفجر والذهاب محمولين على ظهور الحمير الى حيث المحطه فى كرمه او ارقو ومن بعدها تبدا رحلتنا الى دنقلا والمبيت ليله بكاملها على رصيف المحطه انتظارا للباخره وكانت البواخر عباره ثلاثه بواخر هى كربكان والجلاء والزهره وهذه الاخيره صادفناها مره واحده فقط وبقية الرحلات مناصفة بين الكربكان والجلاء وافخم واسرع هذه البواخر الزهره اما البقيه فكانت فى حاله يرسى لها وتستغرق الرحله جنوبا الى كورتى ثلاثة ايام وليلتان عكس التيار وعودة الى الشمال يومين وليله فقط .
المهم تبدا الرحله يوم السبت صباحا وتنتهى يوم الثلاثاء عصرا حيث الجمال فى انتظار الباخره لحمل الامتعه الخاصه بالطلبه وهى عباره عن شنطة حديد وصفيحة الزاد من قرقوش وتمر واللحاف او المرتبه يتم الاتفاق مع الجمالى لحمل الامتعه الى حيث المدرسه ونتبعه سيرا على الاقدام وتطول المسافه وتقصر على حسب فيضان النيل وكنا نحسد اخوتنا فى دنقلا لان الرحله الخاصه بنا تبدا من حيث انتهاء رحلة جماعة دنقلا .
كانت المدرسه بالقرب من سوق المدينه التى تنام بعد صلاة العشاء مباشرة
وافخم ما فيها مسجد حديث بمئذنة تم بناءها من قبل رجل البر الشيخ عمر عبد السلام صاحب ترحيلات البر الشمالى (البصات السفريه فى تلكم الايام )
اما بقية المبانى فكانت فى حاله يرثى لها وقوبلنا من قبل الطلبه الذين سبقونا بمعامله قاسيه للغايه عرفنا فيما بعد بان الدفعات التى سبقتنا كانت معظمها من الجهه الشماليه على حساب الاخوه الشايقيه وعليها كانت الغلبه لهم والسياده ولذلك تم تقليل العدد القادم من جهتنا للمعادله .
يتم جلب الماء من بئر داخل المدرسه بواسطة دلو ولا بد من المساعدة فى ذلك والا حرمنا نعمة الماء
ها قد وصلنا الى حيث المدرسه كورتى مع صعوبة الوسائل وطول المسافه زمنا وبطئ البواخر عكس التيار جنوبا وحيث ينتهى الزاد فى غالب الاحيان فى اليوم التالى اذا كان من صنف الخميريه (بالتمر) وبعدها يكون تزودنا من المحطات والتى لا يستغرق الوقت المسموح به للتسوق اكثر من نصف ساعه فى احسن الاحوال ولا بد من مسابقة الزمن للظفر باى شئ يسد جوعنا الشديد وطبعا كنوع من الفنجره واكرام الاناث من الطالبات الذاهبات الى حيث المدارس جهة عطبره وكريمه وبربر واخرى وغالبا ما يكون الصندل المخصص لهن فى الجهه المقابله للقيف ونحن فى الصندل الداخلى وبيننا الوابور وبه الدرجات الاولى وحتى الثالثه وهذا الصندل عباره عن دورين من العنابر المفتوحه الكبيره وكنا نستغل المراتب والفرش التى بحوزتنا لكى ننام عليها ونجلس عليها نهارا --المهم عندما ننزل لا بد من احضار طلبات البنات والاتى لا يسمح لهن بمغادرة الباخره لاسباب امنيه ولا يهم طالما اخوات البنات الصناديد قوامين على تلبية الطلبات وبصوره بريئه واخويه فى غالب الاحيان .
مدرسة كورتى الثانويه بنين --ساحه كبيره ما بين الفصول والسكن وحاولنا جمع الصف القادم من جهة ارقو وكان فى معيتنا الاخ حمزه عيسى سليمان ونسيت ان اضيفه فى الحلقه الاولى فله التحيه وسكنا فى عنبر واحد مع الاخوه الفاتح عليه رحمة الله (الشهيد )واسماعيل عمار وتقى الدين شرقى درار وآخرين من جزيرة ناوه وكان اشهرهم اخونا محمود شرفى مؤسس جماعة انصار السنه بالشرقيه (الدمام )واول من انتسب لشركة العطيشان .
اما اخى الشيخ صلاح الدين فقد تم ابعاده من دنقلا الثانويه ونقله تاديبيا الى كورتى تخيلوا كورتى كانت منفى تاديبى --وذلك لحركته الزائده فى التنظيم المحظور وقتها واشتراكه فى انتفاضة شعبان التى كانت قاب قوسين او ادنى من التسبب فى قلب نظام مايو (النميرى )وبوصول اضاف الينا شيئا من الطمانينه واصبحنا متلازمين بعد ان فرقتنا المدارس الوسطى والابتدائيه حيث درست بالبرقيق واخى صلاح ببيوض وارقو ومعروف عن شيخنا الثورات منذ نعومة الاظافر حيث تم نقله تاديبيا الى ارقو بعد احداث بيوض (ربنا يديك العافيه ياابا محمد وجد ------)
لم تضى ايام قلائل حتى كنا قد انتسبنا الى تنظيم الاخوان المحظور والمحارب من السلطه والشعب والسريه التامه فى كل التحركات والا السجن فى الرجاف مع الشيخ الترابى واخوانه .
طبعا بدانا بحلقات التجويد بمسجد المدرسه الذى اصبح ساحة خاصه لنا لعدم وجود من يشغل المسجد من الجماعه الحمر والقوميين وكان يشرف علينا الاساتذه ابوعبيه من كسلا والاستاذ زياده من الغابه وآخرين وبمساعدة الاخ صلاح تمكنا من الدخول لاتحاد الطلبه اقوى جهاز بالمدارس فى تلكم الايام وعضو الاتحاد يشار له بالبنان وله مكانه خاصه وهكذا دارت الايام وعلمنا بوجود الاستاذ نجم الدين سعيد من الكيد والاستاذ محمود احمد محمد من ارقو وكانوا بالمدرسه الوسطى وكنا نشد الرحال كل يوم جمعه الى حيث منزل الاستاذين الجليلين ونستمتع باطايب الطعام ونقضى يوما عائليا جميلا ونكون فى شوق دائم حتى الاسبوع التالى .
بدات المشاكل والمناوشات مع الزملاء من الطلبه المنتسبين للاحزاب الاشتراكيه وبعض المتعاطفين معهم بحكم القرابه والدم والجهه التى اتوا منها عكس الاخوه من جهة المحس والدناقله فكان موقفهم سلبى للغايه ولم يناصرونا عندما وقعت احداث كادت ان تخسف بمستقبلنا التعليمى ومرات كثيره تعرضنا لما يشبه التصفيه والقتل ولكن الله ستر .
مرت الايام ثقالا وتعرض المدرسه لاحداث كبيره تم بسببها غلق المدرسه لعدة مرات كنا نسافر احيانا واخرى ننتظر حيث نحن بالداخليات لحين فتح المدرسه وسافرنا خلال عام واحد لاكثر من ثلاثة مرات بالاضافه للاجازات الرسميه .
حدثت مشكله فى رمضان بين التيارين وذلك بسبب مقال بجريدة الاخوان وتم الرد عليها فى جريدة الطليعه الناطقه باسم الاشتراكيين والقوميين وعندها حوربنا باشد الوسائل حيث تقوم فئة من الجماعه وقبل مغيب الشمس بدقائق بتجفيف الازيار من الماء البارد وعندها نضطر للبحث عن الماء فى المنازل المجاوره حاملين القليل من التمر للافطار وصادفنا العمده محمد عمر كمبال عمدة كورتى عدة مرات وامر بان نقوم بالافطار بمائدته العامره وبحق كان عمده عليه رحمة الله (لا حظوا من هم الذين يستجدون الماء والطعام والله اننى اختنق عبرة كلما تذكرت تلكم الايام )
وقطع علينا هذه المعاناه الاجازه الخاصه بعيد الفطر المبارك --عندما عدنا من الاجازه بدانا المشاكل والمناوشات من جديد وبصوره اكبر كل ذلك لان العدد الغالب بصوت واحد من صالحنا ولم يتمكنوا من تمرير اى قرار او مقترح ولجاؤوا للمكايد ونجحوا فى ذلك واستدرجونا للمواجهه وفلتت الامور من يد ادارة المدرسه بقيادة الناظر الهمام عبد الله محمد خير الرجل المربى الفاضل عليه رحمةالله حتى طلب تدخل الشرطه ولم تفلح الشرطه وتعرض البعض للضرب والجروح وسالت دماء فى ارض الداخليات والمدرسه وما حولها حيث انتقلت المعارك احيانا
مدرسة كورتى كانت عامره بالندوات والحفلات والنشاط المدرسى مع كل التجاوزات والمشاكل --كان الفنان صديق احمد الدبه يجلس معنا بالداخليه لايام وتستمر ليالى السمر لانصاف الليالى ولا تخلو من الفوضى التى لايمكن كبح جماحها لشراسة الجماعه .
ومن الزملاء والدفعه الفنان ميرغنى محمد نور النجار وبعض الفنانين الذين لم يواصلوا ولكنهم كثر بحكم النشاط الفنى للمنطقه واشتهارهم بحب الفن والغناء عامة --كنا نسمع ونسترق النظر والحضور خلسة عندما يخلد الاخوه للنوم اى الاخوان وقياداتنا التى لا يوافقون على تلك الممارسات وفيما بعد (اجازوا كل شئ وشاركوا المغنين بالرقص والزمر احيانا )المهم كانت الحياه مليئه بكل انواع المتناقضات ولكنها مليئه بما يفيد من حيث الاعتماد على النفس وتحمل المصاعب وطرق التعامل معها والتصرف السليم.
اثيرت قضيه اخلاقيه مفتعله من قبل الجماعه الاشتراكين واذنابهم وتمت مناقشة الامر بالاتحاد وتقرر طرد العضو صاحب المشكله من الاتحاد وعدم السماح باستبداله الا عن طريق التصويت الحر وكانت النتيجه معروفه سلفا لان الغلبه كانت لنا وهنا بدات المشاكل تستفحل ووصلت الى درجة التشابك والاصابات وتدخلت قوات الشرطه ولكن عند مساء احد الايام حدث اشتباك آخر كان اشد ضراوه وتعرض الاستاذ زياده للاصابه على راسه وكذلك الاستاذ ابو عبيده وتم نقلهم للمستشفى ونجا اخى صلاح من اصابه خطيره حيث قام احد المشاغبين ويدعى ابو شوش برمى قاعدة ادراج من الحديد الثقيل على الاخ صلاح ولكنه نجا منها بدعاء الوالدين وارتطم الحديد بالشباك الذى كان يجلس عليه صلاح وكسر الشباك تماما وعندها تم اخذ الاخ صلاح الى منزل المدير حتى تهدأ الامور وذهبت انا الى منزل الاستاذ نجم الدين وفى الصباح حضر المدير التنفيذى للمنطقه الجنوبيه مروى ومساعد المحافظ للتعليم وضابط شرطه كبير من مركز مروى وتقرر طرد عدد سبعة عشر طالب معظمهم من ابناء التجار ووجهاء كورتى --كانت هذه الحادثه بمثابة الخط الفاصل بين تجميد مدرسة كورتى الى ما لا نهايه او الاستمرار لان آباء اولئك الطلاب المفصولين لهم اليد الطولى فى انشاء المدرسه ودعمها بدون حدود .
وبعد مشاورات واخذ ورد توصل المدير الى ان يتم نقلى انا وصلاح الى اى مدرسه نحددها ودعمنا بكل الوسائل واذكر انه القى علينا خطبه عصماء برر فيها القرار الجائر واقنعنا بانه لا بد من تنفيذ الامر لكى يرجع الطلبه المفصولين لان وجودنا معهم فى مكان واحد من المستحيلات وسوف لن تتوقف المشاكل وفى نفس تلك الايام تم نقل الاستاذ نجم الدين سعيد من المتوسطه الى الثانويه وشارك فى اقناعنا لكى نرحل .
تم تزويدنا بخطاب لوزارة التربيه والتعليم وكان على راسها الاستاذ الكبير محمد توم التجانى عليه رحمة الله --لم تكن المواصلات متوفره فى تلك الايام ولا بد من انتظار اللوارى التى تمر من طريق امدرمان لتحميل او انزال بعض البضائع والخيار الاخر صعب حيث تبدا الرحله بالباخره حتى كريمه ثم بالقطار الى عطبره والخرطوم وتستغرق الرحله حوالى اسبوع كامل .
وفى يوم السفر كان الوداع حارا ورسميا حيث تجمهر الطلاب والاساتذه وودعونا وداع الابطال (ونحن نستاهل )غادرنا كورتى ونحن فى شوق وخوف من الوصول للخرطوم فاكيد سوف لن يرضى الاهل بهذه الامور وسوف نتعرض للعتاب الشديد فقررنا الذهاب مباشرة الى حيث ميز العذابه فى الختميه بحرى ولن يخلو الامر من العتاب والتانيب ولكن اخف من الاخرين فى كل الاحوال وفيما بعد سمعنا ما لايعجبنا مرات كثيره وتستمر المسيره حيث البحث عن مدرسه بها داخليات للسكن ولم يكن ذلك بالامر اليسير
ها قد وصلنا الخرطوم ونفذنا ما اتفقنا عليه من السكن مع الاخوه والاعمام بالعذابه فى ميز بحرى الختميه وكالعاده كان الاستقبال والحفاوه من الجميع والضيافه ثلاثه ايام وبعدها تظهر الاستفسارات ومعها الانتقادات وبكل الالفاظ ومن الجميع بلا استثناء ونحن فى صمت وعاجزين تماما عن مجرد الدفاع عن ما حدث لان الرد او المجادله قطعا سوف تحسب فى خانة قلة الادب وربما اضطر البعض لاستخدام العقوبه الاخرى ( الجلد ) او العقوبتين معا المهم قطعنا الموضوع فى قلبنا واستمرت الامور وبدانا رحلة البحث عن مدرسه تاوينا وبخاصه لان المدارس فتحت ابوابها وبدات الدراسه قبل اكثر من شهر --احضر لنا الخال عبد الله محمد حامد (اوش الله ) خطابا من السيد سرالختم الخليفه رئيس الوزراء ووزير التلعيم الاسبق عليهم رحمة الله جميعا وكان الخطاب موجه للسيد يحيى وداد مدير مكتب السيد الوزير وهو عباره عن طلب مساعدة المذكورين اعلاه وامرهم يهمنا . اخذناالخطاب الى حيث الوزاره ومكتب السيد المدير ولم يقصر بل حرر لنا خطاب للسيد مدير مدرسة الجيلى الثانويه وللعلم كانت هنالك احداث كبيره بالمدرسه المذكوره وعلى اثرها تم فصل اكثر من مائة طالب وبالتالى كانت هنالك فرص بالفصول والداخليه وبعد استلامنا للخطاب لجأنا للعم الطيب عبد الله عيه رحمة الله وبدوره استعان بالسيد عثمان محمد احمد نائب منطقة المحس بمجلس الشعب عليه رحمة الله وهو خال مدير مدرسة الجيلى الاستاذ محمود محمد صالح عليه رحمة الله فى الحالتين (حيا او ميتا )استقلينا سيارة العم الطيب واخذنا فى طريقنا السيد عثمان وارتحلنا شمالا حيث الجيلى ومدرستها الحلم البعيد توجهنا على حسب طلب السيد عثمان الى حيث دار المدير ولم يكن موجودا بها ساعة وصولنا ولم يكن موجودا بالجيلى كلها --المهم استقبلتنا زوجة المدير ورحبت بنا ايما ترحيب واحضرت لنا الفطور والشاى وتم تسليمنا لحرم المدير لحين عودته وتم توصيتها لكى تكرم وفادتنا لحين وصول المدير وبعد رحيل الجماعه الى الخرطوم تشاورنا فى الامر وفضلنا الذهاب الى المدرسه للتعارف لحين وصول سعادة المدير وعندما تاكدنا من وصوله ذهبنا الى حيث الكنزل وطرقنا الباب بكل ادب وحياء وفتح الباب (باب جهنم بعيد عنكم ) ولكى اكون اكثر دقه كانت يد المدير مليئه باثار الطبيخ وكانه كان على مائدة الغداء انتهرنا قائلا ايوه عايزين ايه ولم نكمل الموضوع وبادرنا بان نرحل وبسرعه عن المدرسه وسوف يقوم بمقابلتنا عند الوزاره فى اليوم التالى لانه غير مستعد لقبولنا بالمدرسه )المدير كما اسلفت ابن اخت السيد عثمان وقطعا هو محسى من فريق )المه الجمت الدهشه كل حواسنا ونفذنا الامر وابلغنا عمنا الطيب بالامر وغضب غضبا شديدا للامر وطلب من السيد عثمان الحضور وبسرعه لامر هام --ذهبنا فى اليوم التالى الى حيث الوزاره وطبعا اخذنا المشوار على الاقدام لان المسافه ليست بعيده فقط الطريق من الختميه للكوبرى ومسافة الكبرى وبعدها الوزاره يعنى الموضوع حوالى ساعه بالتمام
ولحظنا الجميل صادفنا المدير بالباب واعلمنا بانه احضر خطاب الرفض للوزير شخصيا ونحن فى ذهول اكبر وفيما بعد علمنا سر هذه المعامله القاسيه اولها ان الخطاب كان بصيغةالامر وبدايته كالتالى على حسب اوامر السيد وزير التعليم الاسبق السيد سرالختم الخليفه وعلمنا انه كانت هنالك معركه كبيره بين الاثنين المدير والوزير والثانيه انه كان المدير يشغل منصب القنصل الثقافى بالسفاره السودانيه فى جده ايام الوزير فاروق حمد الله (فى العهد الشيوعى من انقلاب النميرى وكانت الوظيفه الاساسيه الموكله اليه هى محاربة الاساتذه المنتدبين بالسعوديه وكان معظمهم من التيار الاسلامى وهذا ما دفع الساده اعضاء مجلس الشعب وعلى راسهم عثمان محمد احمد ولجنة التعليم بالمجلس حيث تبنوا قضيتنا وتم تدويلها فى لحظات فاقت تدويل قضية دارفور فى الزمن الحديث
المهم اصبحنا قضيه عامه ونحن فى ذهاب واياب الى حيث البيت بالختميه احيانا كثيره راجلين لتوفير بعض ما تبقى معنا من ملاليم وكلما خارت القوى واصبحنا قريبين للاستسلام يقوم اخى صلاح بانشاد الابيات الحماسيه ومنها--- مشيناها خطا كتبت علينا ومن كتبت عليه خطا مشاها
وهكذا استمر الحال وخارت القوى الجسمانيه والماديه واهتدينا الى الجماعه فى جامعة الخرطوم العريقه حيث الداخليات والرفاهيه المطلقه والكل ياكل والكل ينوم فى الداخليات وكان نصيب الاخ صلاح السكن مع بعض الاخوان على حسب اختياره وسكنت انا مع اخونا عبدالله بصيرى وهكذا ضمنا السكن والاكل وبعضا من المصاريف وكانت ايام لها ايقاع وجرس وطعم ولون
مرت ايام وليالى ونحن فى انتظار الفرج القريب وبعد قضاء ايام جميله فى ضيافة اخى عبد الله بصيرى بداخليات جامعة الخرطوم اثرت التنقل ما بين بيتى اعمامى محمد على والطيب عبد الله وكذا اخى صلاح قضى تلك الايام مابين المزاد والصحافه فاحيانا اعرف اين يقيم واحيان اخرى يتعسر على معرفة التفاصيل --المهم نلتقى كل صباح بحوش الوزاره فى انتظار جماعة مجلس الشعب الموقرين واخذت الامور فى تعقيدات لايمكن السكوت عليها لاننا تاخرنا كثيرا عن الدراسه .
تدخل البعض فى تهدئة الامور وكان منهم الاستاذ يحيى وداد مدير مكتب الوزير والاستاذ امين محمد احمد كعوره وكيل الوزاره للتليم الفنى والاكاديمى وطلبوا ارجاء موضوع معاقبة السيد مدير مدرسة الجيلى الى وقت آخر وتكون الاولويه البحث عن مدرسه بديله لكى لا تفوتنا الدراسه وخاصة اخى صلاح كان بالسنه النهائيه وامتحانات الشهاده السودانيه --تم تحديد يوم معين لمقابلة السيد وزير التربيه والتعليم شخصيا وكانت المقابله حارا جدا من قبل السيد الوزير محمد توم التجانى وشرح لنا وبصوره ابويه انه قادر على فرض الامر الواقع على مدير المدرسه وبموجب سلطاته ولكن لمصلحتنا يجب عدم التمادى فى ذلك وطرح علينا خيارين مدرسة عطبره الثانويه والكاملين الثانويه واختلفنا لاول مره انا واخى صلاح فانا اخترت عطبره واختار هو الكاملين وذلك بحجة وجود بعض الاقارب هناك --طلب منا السكرتير الخروج والتشاور ولكنني اثرت القبول باختيار الأخ صلاح -- قام سعادة الوزير بتحرير خطاب بخط يده موجه لمدير مدرسة الكاملين الثانويه وكان مدير المدرسة الشيخ العلامة محمد حامد التكينه عليه رحمة الله وكان عضوا بالبرلمان الاخير قبل انقلاب البشير الترابي وذلك بعد ان فاز فى دوائر الخريجين على الدكتور الباقر احمد عبد الله (جريدة الخرطوم )
استلمنا الخطاب وتوجهنا فى اليوم التالى الى حيث الكاملين وكانت المرة الأولى التي نزور فيها مديرية الجزيرة او حتى سوبا جنوبا .
وصلنا عند صلاة الظهر الى محطة الكاملين ونزلنا بمطعم وكافتيريا وتناولنا بعض الاكل على حسب الجيب (لم نشبع لقناعتنا بان الشبع مضر فى مثل حالتنا تلك )اخذنا الامتعه المكونه من الشنط الحديديه والمراتب فى انتظار اى وسيله تحملنا الى حيث المدرسه وكانت المفاجأه حيث تقدم منا ثلاثة من الشباب وعرفوا انفسهم (عز الدين العيدج ومعاويه عبد الله الترابى وآخر لا تسعفنى الذاكره )حاليا الدكتور معاويه الترابى بالرياض بجامعة الملك سعود ومازالت العلاقه مستمره والمفاجأه الاخرى كانت عندما سالنا الاخ معاويه هل انتم الاخوه صلاح الدين ومحمد حجازى بالنسبة لى الجمتنى الدهشه ولكن الامر كان عادى جدا بالنسبه للشيخ صلاح ---اوقفوا عربة اجره وحملوا امتعتنا واتجهنا الى حيث المدرسه ووجدنا الشيخ عصام احمد البشير فى انتظارنا واكرم وفادتنا ودخلنا معه الى حيث الغرفه المخصصه له بالداخليه وكانت غرفه مجهزه تليق بالساكن والضيوف وبعدها دعينا لتناول الغداء الذى احضر من السوق وجاملنا الرجل لاننا سبق وتناولنا بعضا من الغداء --ادينا صلاة العصر خلف الامام الشيخ عصام وجمع من الطلبه وهكذا مر ذلك اليوم الاول ونحن فى ضيافة عصام البشير وقمنا بشرح الامر للاخوه ولكن لم يكن الرد بالشئ المستحب لاننا علمنا منهم بان المدرسه ليست بها اماكن ومزدحمه جدا وكذلك الداخليات ولا توجد كراسى ولا سراير --فى اليوم التالى ذهبنا للاداره وفمنا بتسليم المدير الخطاب وطار المدير فرحا ونادى السيد وكيل المدرسه الاستاذ يوسف ثابت واعطاه الخطاب وهكذا تداولوا الخطاب وهم فى دهشه شديده كيف يمكن مساعدتنا ونحن نحمل ذلك الخطاب الهام جدا والخطير فى آن .
شرلاح لنا السيد المدير الظروف الت تمر بها المدرسه وانه على اتم الاستعداد لقبولنا ولكنه غير مسئول عن الاجلاس والنوم وعلينا تدبر الامر ولكنه طلب منا الذهاب اولا الى ادارة التعليم بمدنى وشرح الامر واذا لم نوفق علينا الحضور مرة اخرى والرضى بالموجود --تركنا بعضا من امتعتنا الثقيله بغرفة الشيخ عصام وتوجهنا الى مدنى وكانت لنا واسطه قويه جدا متمثله فى شخص انب الخال والخاله سعيد محمد سعيد وهذه ليست مزحه بحق كان الرجل صاحب كلمه فى الاداره وله معارف كثر ولكننا اصطدمنا بحجر كبير وكاؤود وهو اننا قدمنا من أداره تعليميه اخرى ولا بد من الرجوع للوزاره لاستصدار خطاب اخر موجه لادارة تعليم الجزيره ولكنا اثرنا الرجوع والرضى بما عرضه علينا المدير للحاق بما تبقى من العام الدراسى --ورجعنا الى الكاملين لتدبر الامر
قضينا ليلتنا تلك في مشاورات مكثفه فى كيفية حل المعضلة التي شلت تفكيرنا تماما وبخاصة لأننا حديثي عهد بتلك المدن القصيه ---وفى الصباح توكلنا على الباري القدير وذهبنا الى حيث المدرسة في انتظار وصول المدير من قريته التكينه ولم يطل انتظارنا فوصل المدير وهو فى كامل حلته المكونه من الجلباب والقفطان والعبايه والشال والعمامه وعصا من نوع الركابه -سمح لنا بالدخول ومقابلة المدير ورحب بنا وكرر علينا نفس المشاكل التى تواجه المدرسه والنقص والعجز واشياء اخرى وعموما سوف يقبلنا بالمدرسة مع عدم الالتزام بتوفير السراير والكراسى والادراج قبلنا لعدم وجود خيار آخر ولاننا فى سباق مع الوقت وذهبنا مباشرة إلى حيث غرفة الشيخ عصام وبدانا رحلة التفكير فى المصير من اين لنا النقود لكى نشترى سراير اما موضوع الكراسى والادراج فيمكن حلها بمشاركة الاخوه الزملاء ولكن السرير ليس له حل --لاحت لنا بوادر حل حيث علمنا بوجود اثنين من اعمامنا الدناقله من جهة زورات واقجا يعملون كطباخين وسفرجيه بمطعم المدرسه احدهم يسمى عبد اللطيف ونسيت اسم الاخر ونصحونا بان نذهب لمستودع المدرسه واحضار بعض اجزاء العناقريب وتركيبها ونساجتها وبذلك نوفر بعضا من المصاريف (الجنس على الجنس رحمه ) المهم ذهبنا الى حيث مستودع التوالف وقمنا بتجميع عنقريبين ووفرنا الحبال من السوق بمساعدة الاخوه الزملاء ومنذ الصباح الباكر ومع بداية الحصص باشرنا العمل فى نسج العناقريب حيث اننى خبير فى النساجه وبنوعين مختلفين (العربى وظهر التمساح ) وبدا اخى صلاح فى فرد وجر الحبال الى مسافات بعيده وبدات النساجه وكان ذلك بالفارنده الخلفيه للمدرسه وعند الظهر خرج المدير كعادته للاذان للصلاه ولا يهمه من فى الفصول والدروس فالمهم اقامة الصلاة فى موعدها عندها لاحظ وجود حركه غير عاديه واقترب منا وانتابنا شئ من الخوف لكيلا يطردنا لهذه الفعله الشنيعه ولكن كان العكس حيث قام المدير باستدعاء المدرسين والطلبه وتحلقوا حولنا وبدا المدير فى القاء خطبه عصماء عن المعانى والدروس والعبر التى يمكن الاستفاده منها من هؤلاء التلاميذ المجتهدين والذين لم تقعدهم المصاعب بل تحدوها وهاهم امامكم يضربون اعظم الامثله وتصفيق حار جدا وعندها تنفسنا الصعداء وواصلنا العمل وانتهينا من كل الترتيبات مع غروب شمس ذلك اليوم ونمنا على سرايرنا الخاصه دونما مضايقه لاحد وبقى الاخ صلاح مع الاخ عصام بالغرفه وتم استيعابى بالعنبر القريب وكان به الاخ معاويه الترابى واخوه يحيا وآخرون اما الدراسه فكنا نجلس على الشباك او نتقاسم الكرسى مع احد الاحباب ونحمل الكتب والكراسات الى حيث الداخليه يوميا ونرجع بها فى الصباح وكنا قد فارقنا هذه الطريقه فى المدرسه الاوليه ولكننا رجعنا الى حيث كنا وكله يهون فى سبيل العلم والتعلم .
مرت بالمدرسه احداث كثيره وخطيره بسبب رداءة الاكل وتاخر وصول الخبز واشياء اخرى وكانت للمدير كلمة مشهوره وهى انه لايريد طلبه همهم بطونهم انما يريد طلبه همهم عقولهم وفى احدى المرات حدث جدال بين المدير واخونا عصام البشير عندما خطب فينا المدير قائلا ابنائى اذهبوا الى فصولكم واعملوا صالحا واحفظوا دروسكم ثم اذهبوا الى السفرة وخذوا عيشكم ساخنا ثم ارجعوا الى درسكم يرحمكم الله عندها انبرى له عصام البشير وقال له ان اان اكل الطيبات متقدم على عمل الصالحات فعليه علينا الاكل اولا من الطيبات وبعدها نعمل الصالحات اذا كانت الدراسه بهذه المدرسه من الصالحات وكان يوما مشهودا حيث استمعنا الى درر الحديث من امهات اللغه العربيه ومثيلاتها وتدخل اخونا حيدر ارباب وهو من ابناء التكله وكان من اشد الاخوان تمسكا فقال للمدير كفى انصاف حلول وتراقيع نريد حلا نهائيا لهذه المشكله وبادره المدير (ياود الارباب انا تقول لى انصاف حلول وتراقيع سامحك الله )هكذا كانت التربيه والتعليم بالمعنى المعروف والمطلوب فكانت بحق تربيه قبل التعليم واتمنى ان تكون كذلك الان[b]
اخونا الشيخ عصام من ابناء تندلتى بحر ابيض ووالده من اكبر تجار المحاصيل هنالك ,لذلك كان يعيش فى مستوى مقدر وامكانيات عاليه وذو علم ومقدره على الخطابه بصوره فائقه لذلك كانت له مكانه خاصه بالمدرسه وبالمدينه الكاملين ححيث كان يقيم الليالى والندوات الدينيه فى مناسبات عده بمساجد البلد وكانت له مواقف وخطب لمواساة الناس فى المقابر المقابله للمدرسه ويحضر الدفن ويخطب فى الناس وهكذا الى ان جاء انقلاب حسن حسين والذى لم يدم لاكثر من ساعات وتم اعتقاله من داخل المدرسه وحاولنا الوقوف ضد القوة المرسله لاعتقال اخونا عصام ولكن طلب منا هو وادارة المدرسه عدم التدخل لكى لا تتفاقم الامور وقضى اكثر من شهرين فى المعتقل بسجن مدنى وعاد وهو اقوى واصلب وللتاريخ فان الاخ عصام هو اول من اعلن الخروج على شيخه الترابى واعلن ذلك صراحة ورفض المصالحه التى تمت مع النميرى 1976م ومرت علينا احداث كثيره وكبيره وخرجت من التنظيم لاسباب كثيره وكبيره فى بطن الشيخ اخى صلاح الدين ووصلت الامور الى حد القطيعه ولكن عادت الامور الى سابقها لاننا وحيدين فى تلك الغربه ولن تفرقنا تنظيمات وخلافه وفى الدوره المدرسيه التى كانت تصفياتها بالحصاحيصا حدث لنا حادث اليم وذلك بعد انتهاء مباراتنا المؤجله مع الحصاحيصا الحكوميه فى كرة الطائره وكنت احسن واحد يرسل (السيرف )وكانت النتيجه انتصار الجماعه فى الحصاحيصا واستقلينا اللورى الذى انقلب قبل مغادرة حوش المدرسه واصبت فى قدماى الاثنين واحده تهشم فى الركبه اليسرى وجروح واخرى تمزق فى العضلات وذلك لوقوع اللورى على الجزء الاسفل ولولا وجود اخونا المرحوم محمد بله تحت اللورى لانقطعت رجلاى ولكن الله ستر والحمد لله تم نقلنا الى مستشفى ابو عشر الصينى انا وحوالى 17 من الذين اصيبوا اصابات بالغه وبقى حوالى اربعين طالب بحوادث مستشفى الحصاحيصا العام وكان ذلك فى منتصف الليل وتوفى باليوم الثانى اخونا معاويه محمد احمد ابا دول وهو من بقايا الدناقله وتجار الكاملين الكبار اى والده وتوفى بعد شهور ابوعبيده عليهم رحمة الله وفى صباح اليوم التالى وجدت اخى صلاح بجانبى فى المستشفى وبكينا كثيرا وتعاطف معنا كل من بالمستشفى ولازمنى لمدة اسبوع كامل حتى تماسلت للشفاء ولكن الحركه كانت متعسره كثيرا وقررنا الخروج والذهاب الى الخرطوم لكى ينتشر الخبر ويتكبد الاهل عناء السفر الى ابوعشر البعيده --استقلينا تاكسى من المستشفى لكى نذهب الى الشارع الرئيسى ومنها ناخذ الباصات الى الخرطوم وقبل وصولنا للشارع باقل من مائة متر شاهدنا عمنا عبد المنعم محمد حسن حقار (اطال الله فى عمره ) وهو بداخل سيارة اجره تابعه للكاملين واوقفنا التاكسى وكان فى زيه العسكرى حيث حضر من المركز مباشرة بمجرد سماعه باخبار الحادث ولما وصل مدرسة الكاملين علم بالتفاصيل والى حين وصوله للمدرسه لم يكن لديه اى معلومات عن من هو الذى بالمستشفى وبعدها اخذنا الباص الى الخرطوم ومن المحطه السوق الشعبى عرض على الذهاب الى منزل العم محمد على عليه الف رحمه وهنا تتجلى معانى الاصول والواجب والتجرد وكان بامكان عمنا عبد المنعم ان ياخذنى مباشرة الى منزله ولكن تصرف على حسب الاصول والواجب وتقدير الامور وانتشر الخبر وتواصلت مواكب الاهل من كل انحاء العاصمه وقضيت حوالى شهر بالخرطوم ثم رجعت الى المدرسه
ونتج عن الحادث تمزق بالغضروف بالركبه اليسرى وما زلت اعانى منها الى يومنا هذا والحمد لله ولاخى صلاح بعض الطرائف والقصص مازال يحتفظ بها ومنها الكثير من الخيال عن ما حدث فى المستشفى ولكنى اذكر منها اننى طلبت منه ان نترك المستشفى لوفاة عدد من المرضى المجاورين لى فى العنبر فطلبت منه المغادره لكى لا ياتينى الدور ولكنه اضاف من عنده بعض الاضافات . انتهت الامتحانات للشهاده السودانيه وانتقل الاخ صلاح وعصام الى جامعة الامام محمد ابن سعود الاسلاميه بالرياض وانتقلت انا الى الصف الثالث وبعد رحيل الاخوه بدات معى مشاكل كبيره وكثيره حيث حضرت من المدرسه ووجدت سريرى خارج العنبر وعند الاستفسار ذكروا لى بان معاويه الترابى هو من اخرج السرير وعندها تعاركنا ووصلت الامور للاداره ولم يتم انصافى وعندها قررت ان اخوض تجربة اخرى نكاية فى الجماعة وذهبت الى مدنى وسجلت نفسى بشعبة الطلاب واخترت امينا لشعب الطلاب بشمال الجزيره فرع الاتحاد الاشتراكى وهى من الفترات التى سوف لن اسامح نفسى فيها ما حييت وهى نقطة سوداء ارجو ان اكفر عنها وانا على قيد الحياة . وعندها اخذت الامور منحا اخر ومعارك جانبيه مع الادارة والطلبه واحضرت المكتب السياسى لتنظيم الشباب العام من الخرطوم وقادة العمل كلهم وكان حضورهم حدثا كبيرا حيث كان الموكب حوالى سبعة سيارات حكوميه من الاتحاد الاشتراكى الامانه العامه وعقدنا ندوه مع معارضة المدير والاداره ولكنها تمت بقوة السلطه ومن يومها تغيرت الاحوال والعلاقه مع الزملاء والاداره وبعدها قدت عمل تخريبى ضد المدرسه لعدم استجابتها للاعتصام والاضراب عن الطعام الذى نفذناه احتجاجا على رداءة الاكل ونتج عن ذلك تكسير السفره والادوات الخاصه بالمطبخ وللتاريخ لم اامر بذلك ولكنها تمت من بعض المندسين وعليها تم طردى انا وبعض الاخوه اعضاء اللجنه وكنا حوالى احدى عشر طالب طردنا من الداخليه وقمنا بعمل ترتيبات لاستئجار مسكن بالمدينه وعندما سمع الجماعه فى حوش عمنا عبد الله محمد احمد وهو ابن خالة الحاجه امنه واخوانها عليهم الرحمه جميعا وسكنت معززا مكرما بحوش المرحوم عبد الله مع ابنه ربيع وتمتعت بخدمات ورعايه تماثل ما كنت القاه من والدتى واخوتى حيث اختنا نعمات عليها الرحمه ووالدتها الحاجه زينب بنت الضوء بنت ادريس نبق عليهم رحمة الله جميعا ومن خلال ذلك الحوش العامر تعرفت على اهلنا الحقاقير واحتفوا بى ايما احتفاء وطالبوا بضمى الى حوش ود حقار الكبير ولكن باءت كل محاولاتهم بالفشل وكنت ازورهم مرارا واجبر بخاطرتهم عندما يسمح لى بالمبيت بالحوش الكبير وقابلت جدتنا الكبيره زينب بنت حقار الكبير وكانت تسكن الضفه الشرقيه المعروفه بمتمة الكاملين وحكت لى قصص مثيره عن بطولات جدودها الفراس عبد الله ومحمد ونصر والنور ابناء حقار الكبير وتوفيت عن عمر ناهز المائه وخمسة عشر وكانت وفاتها فى عام 1992م وهى فى كامل قواها العقليه ومن حوش ود حقار اسرة ام الحسن بت عبد الله وحسن عثمان حقار ومحمد علوب حقار واخرين وتواصلت العلاقه وتوطدت الى يومنا هذا ومازال عمنا عبد المنعم حقار والجماعه فى الدروشات على صله واتصال فى كل المناسبات ووصل اخى صلاح من السعوديه وحضر للمدرسه وحاول اعادة علاقتى الى سابقها مع الدير ولكنه تمنع ووصفنى باوصاف سكت عنها لاننى فى حضرة اخى صلاح وفى النهايه تصالحنا ومن اشهر العبارات التى وصف بها صلاح عند دخولنا للمكتب اهلا ومرحبا بابننا صلاح الدين خير ما تبقى من ال موسى وعمران اما انت يا ابو راس كبير لان شعرى كان غزيرا وطويلا على موضة تلك الايام
قال انت عندك شيطان قدرك فى راسك واخرج من المكتب الان وطيبنا خاطره بكلمات مؤثرات من اخى صلاح وتجاوزت عنها لانه وصفنى بطيش الشباب والجهل وخلافه واكلتها حامضه ومره ولكننى تحملت من اجل اكمال ما تبقى من العام
وعلمت فيما بعد بان الشيخ التكينه ذكرنى بالخير عندما حضر للرياض فى زيارة لابنه وللعلاج وبعدها بوقت قصير انتقل الى رحمة الله ولم تسنح لى فرصة اللقاء به --والتقينا مرة اخرى انا واخى صلاح الدين بالرياض عللا مشارف العام 1978م وما زالت علاقتى اكبر واجمل واجود وامتن واقوى مع اخى الحبيب صلاح الدين خيرى سعيد مع بعد المسافات وطول الزمن ---اتمنى ان ينال هذا الاجتهاد حظا من الاهتمام والاطلاع وابداء الراى وكل همى هو التوثيق واعطاء الابناء والاخوه بعضا من دروس الحياة القاسيه التى مرت علينا ---هذا وبالله التوفيق ---محمد حجازى عبد اللطيف سابل 1/4/2010
بدات رحلة الاخ صلاح من مدرسة دنقلا الثانويه العريقه وحينها كنت بالصف الثالث العام اى هنالك فارق بسيط بينى والشيخ صلاح فى الدراسه وليس العمر لكى لا يزعل -----! على مشارف العام 73/74تم قبولنا بالثانويه كورتى وكانت بداية الماساة لاننا كنا نعشم فى القبول بدنقلا لمكانتها وقربها من الاهل والوطن الصغير ولكن لحظنا الاجمل حققت كورتى نتيجه كبيره فى امتحانات الشهاده وكانت الثالث على مستوى الدوله وكانت الدفعه التى تخرج بها الاخ الاستاذ محمد فضل محمد وتم اختيار اوائل المدارس للقبول بكورتى دعما لموقفها وتشجعا للنتيجه المحققه ومن البلد كان معى اخى الشهيد الفاتح عثمان محمود رحمه الله رحمه واسعه --آمين . واخى تقى الدين شرقى درار من الشرقيه الخلاصاب وكمال محمد الحاج من دبله كودى واسماعيل عمار من ارقو وبعضا من الاخوه من بدين ومناطق المحس والدناقله المنتشره على طول النيل العظيم .
لم تكن الرحله من البلد الى دنقلا بالامر اليسير حيث يجب انتظار لوارى البوسته وهى مرتبطه بالباخره القادمه من كريمه وبالتالى كان يتحتم علينا الاستيقاظ قبل الفجر والذهاب محمولين على ظهور الحمير الى حيث المحطه فى كرمه او ارقو ومن بعدها تبدا رحلتنا الى دنقلا والمبيت ليله بكاملها على رصيف المحطه انتظارا للباخره وكانت البواخر عباره ثلاثه بواخر هى كربكان والجلاء والزهره وهذه الاخيره صادفناها مره واحده فقط وبقية الرحلات مناصفة بين الكربكان والجلاء وافخم واسرع هذه البواخر الزهره اما البقيه فكانت فى حاله يرسى لها وتستغرق الرحله جنوبا الى كورتى ثلاثة ايام وليلتان عكس التيار وعودة الى الشمال يومين وليله فقط .
المهم تبدا الرحله يوم السبت صباحا وتنتهى يوم الثلاثاء عصرا حيث الجمال فى انتظار الباخره لحمل الامتعه الخاصه بالطلبه وهى عباره عن شنطة حديد وصفيحة الزاد من قرقوش وتمر واللحاف او المرتبه يتم الاتفاق مع الجمالى لحمل الامتعه الى حيث المدرسه ونتبعه سيرا على الاقدام وتطول المسافه وتقصر على حسب فيضان النيل وكنا نحسد اخوتنا فى دنقلا لان الرحله الخاصه بنا تبدا من حيث انتهاء رحلة جماعة دنقلا .
كانت المدرسه بالقرب من سوق المدينه التى تنام بعد صلاة العشاء مباشرة
وافخم ما فيها مسجد حديث بمئذنة تم بناءها من قبل رجل البر الشيخ عمر عبد السلام صاحب ترحيلات البر الشمالى (البصات السفريه فى تلكم الايام )
اما بقية المبانى فكانت فى حاله يرثى لها وقوبلنا من قبل الطلبه الذين سبقونا بمعامله قاسيه للغايه عرفنا فيما بعد بان الدفعات التى سبقتنا كانت معظمها من الجهه الشماليه على حساب الاخوه الشايقيه وعليها كانت الغلبه لهم والسياده ولذلك تم تقليل العدد القادم من جهتنا للمعادله .
يتم جلب الماء من بئر داخل المدرسه بواسطة دلو ولا بد من المساعدة فى ذلك والا حرمنا نعمة الماء
ها قد وصلنا الى حيث المدرسه كورتى مع صعوبة الوسائل وطول المسافه زمنا وبطئ البواخر عكس التيار جنوبا وحيث ينتهى الزاد فى غالب الاحيان فى اليوم التالى اذا كان من صنف الخميريه (بالتمر) وبعدها يكون تزودنا من المحطات والتى لا يستغرق الوقت المسموح به للتسوق اكثر من نصف ساعه فى احسن الاحوال ولا بد من مسابقة الزمن للظفر باى شئ يسد جوعنا الشديد وطبعا كنوع من الفنجره واكرام الاناث من الطالبات الذاهبات الى حيث المدارس جهة عطبره وكريمه وبربر واخرى وغالبا ما يكون الصندل المخصص لهن فى الجهه المقابله للقيف ونحن فى الصندل الداخلى وبيننا الوابور وبه الدرجات الاولى وحتى الثالثه وهذا الصندل عباره عن دورين من العنابر المفتوحه الكبيره وكنا نستغل المراتب والفرش التى بحوزتنا لكى ننام عليها ونجلس عليها نهارا --المهم عندما ننزل لا بد من احضار طلبات البنات والاتى لا يسمح لهن بمغادرة الباخره لاسباب امنيه ولا يهم طالما اخوات البنات الصناديد قوامين على تلبية الطلبات وبصوره بريئه واخويه فى غالب الاحيان .
مدرسة كورتى الثانويه بنين --ساحه كبيره ما بين الفصول والسكن وحاولنا جمع الصف القادم من جهة ارقو وكان فى معيتنا الاخ حمزه عيسى سليمان ونسيت ان اضيفه فى الحلقه الاولى فله التحيه وسكنا فى عنبر واحد مع الاخوه الفاتح عليه رحمة الله (الشهيد )واسماعيل عمار وتقى الدين شرقى درار وآخرين من جزيرة ناوه وكان اشهرهم اخونا محمود شرفى مؤسس جماعة انصار السنه بالشرقيه (الدمام )واول من انتسب لشركة العطيشان .
اما اخى الشيخ صلاح الدين فقد تم ابعاده من دنقلا الثانويه ونقله تاديبيا الى كورتى تخيلوا كورتى كانت منفى تاديبى --وذلك لحركته الزائده فى التنظيم المحظور وقتها واشتراكه فى انتفاضة شعبان التى كانت قاب قوسين او ادنى من التسبب فى قلب نظام مايو (النميرى )وبوصول اضاف الينا شيئا من الطمانينه واصبحنا متلازمين بعد ان فرقتنا المدارس الوسطى والابتدائيه حيث درست بالبرقيق واخى صلاح ببيوض وارقو ومعروف عن شيخنا الثورات منذ نعومة الاظافر حيث تم نقله تاديبيا الى ارقو بعد احداث بيوض (ربنا يديك العافيه ياابا محمد وجد ------)
لم تضى ايام قلائل حتى كنا قد انتسبنا الى تنظيم الاخوان المحظور والمحارب من السلطه والشعب والسريه التامه فى كل التحركات والا السجن فى الرجاف مع الشيخ الترابى واخوانه .
طبعا بدانا بحلقات التجويد بمسجد المدرسه الذى اصبح ساحة خاصه لنا لعدم وجود من يشغل المسجد من الجماعه الحمر والقوميين وكان يشرف علينا الاساتذه ابوعبيه من كسلا والاستاذ زياده من الغابه وآخرين وبمساعدة الاخ صلاح تمكنا من الدخول لاتحاد الطلبه اقوى جهاز بالمدارس فى تلكم الايام وعضو الاتحاد يشار له بالبنان وله مكانه خاصه وهكذا دارت الايام وعلمنا بوجود الاستاذ نجم الدين سعيد من الكيد والاستاذ محمود احمد محمد من ارقو وكانوا بالمدرسه الوسطى وكنا نشد الرحال كل يوم جمعه الى حيث منزل الاستاذين الجليلين ونستمتع باطايب الطعام ونقضى يوما عائليا جميلا ونكون فى شوق دائم حتى الاسبوع التالى .
بدات المشاكل والمناوشات مع الزملاء من الطلبه المنتسبين للاحزاب الاشتراكيه وبعض المتعاطفين معهم بحكم القرابه والدم والجهه التى اتوا منها عكس الاخوه من جهة المحس والدناقله فكان موقفهم سلبى للغايه ولم يناصرونا عندما وقعت احداث كادت ان تخسف بمستقبلنا التعليمى ومرات كثيره تعرضنا لما يشبه التصفيه والقتل ولكن الله ستر .
مرت الايام ثقالا وتعرض المدرسه لاحداث كبيره تم بسببها غلق المدرسه لعدة مرات كنا نسافر احيانا واخرى ننتظر حيث نحن بالداخليات لحين فتح المدرسه وسافرنا خلال عام واحد لاكثر من ثلاثة مرات بالاضافه للاجازات الرسميه .
حدثت مشكله فى رمضان بين التيارين وذلك بسبب مقال بجريدة الاخوان وتم الرد عليها فى جريدة الطليعه الناطقه باسم الاشتراكيين والقوميين وعندها حوربنا باشد الوسائل حيث تقوم فئة من الجماعه وقبل مغيب الشمس بدقائق بتجفيف الازيار من الماء البارد وعندها نضطر للبحث عن الماء فى المنازل المجاوره حاملين القليل من التمر للافطار وصادفنا العمده محمد عمر كمبال عمدة كورتى عدة مرات وامر بان نقوم بالافطار بمائدته العامره وبحق كان عمده عليه رحمة الله (لا حظوا من هم الذين يستجدون الماء والطعام والله اننى اختنق عبرة كلما تذكرت تلكم الايام )
وقطع علينا هذه المعاناه الاجازه الخاصه بعيد الفطر المبارك --عندما عدنا من الاجازه بدانا المشاكل والمناوشات من جديد وبصوره اكبر كل ذلك لان العدد الغالب بصوت واحد من صالحنا ولم يتمكنوا من تمرير اى قرار او مقترح ولجاؤوا للمكايد ونجحوا فى ذلك واستدرجونا للمواجهه وفلتت الامور من يد ادارة المدرسه بقيادة الناظر الهمام عبد الله محمد خير الرجل المربى الفاضل عليه رحمةالله حتى طلب تدخل الشرطه ولم تفلح الشرطه وتعرض البعض للضرب والجروح وسالت دماء فى ارض الداخليات والمدرسه وما حولها حيث انتقلت المعارك احيانا
مدرسة كورتى كانت عامره بالندوات والحفلات والنشاط المدرسى مع كل التجاوزات والمشاكل --كان الفنان صديق احمد الدبه يجلس معنا بالداخليه لايام وتستمر ليالى السمر لانصاف الليالى ولا تخلو من الفوضى التى لايمكن كبح جماحها لشراسة الجماعه .
ومن الزملاء والدفعه الفنان ميرغنى محمد نور النجار وبعض الفنانين الذين لم يواصلوا ولكنهم كثر بحكم النشاط الفنى للمنطقه واشتهارهم بحب الفن والغناء عامة --كنا نسمع ونسترق النظر والحضور خلسة عندما يخلد الاخوه للنوم اى الاخوان وقياداتنا التى لا يوافقون على تلك الممارسات وفيما بعد (اجازوا كل شئ وشاركوا المغنين بالرقص والزمر احيانا )المهم كانت الحياه مليئه بكل انواع المتناقضات ولكنها مليئه بما يفيد من حيث الاعتماد على النفس وتحمل المصاعب وطرق التعامل معها والتصرف السليم.
اثيرت قضيه اخلاقيه مفتعله من قبل الجماعه الاشتراكين واذنابهم وتمت مناقشة الامر بالاتحاد وتقرر طرد العضو صاحب المشكله من الاتحاد وعدم السماح باستبداله الا عن طريق التصويت الحر وكانت النتيجه معروفه سلفا لان الغلبه كانت لنا وهنا بدات المشاكل تستفحل ووصلت الى درجة التشابك والاصابات وتدخلت قوات الشرطه ولكن عند مساء احد الايام حدث اشتباك آخر كان اشد ضراوه وتعرض الاستاذ زياده للاصابه على راسه وكذلك الاستاذ ابو عبيده وتم نقلهم للمستشفى ونجا اخى صلاح من اصابه خطيره حيث قام احد المشاغبين ويدعى ابو شوش برمى قاعدة ادراج من الحديد الثقيل على الاخ صلاح ولكنه نجا منها بدعاء الوالدين وارتطم الحديد بالشباك الذى كان يجلس عليه صلاح وكسر الشباك تماما وعندها تم اخذ الاخ صلاح الى منزل المدير حتى تهدأ الامور وذهبت انا الى منزل الاستاذ نجم الدين وفى الصباح حضر المدير التنفيذى للمنطقه الجنوبيه مروى ومساعد المحافظ للتعليم وضابط شرطه كبير من مركز مروى وتقرر طرد عدد سبعة عشر طالب معظمهم من ابناء التجار ووجهاء كورتى --كانت هذه الحادثه بمثابة الخط الفاصل بين تجميد مدرسة كورتى الى ما لا نهايه او الاستمرار لان آباء اولئك الطلاب المفصولين لهم اليد الطولى فى انشاء المدرسه ودعمها بدون حدود .
وبعد مشاورات واخذ ورد توصل المدير الى ان يتم نقلى انا وصلاح الى اى مدرسه نحددها ودعمنا بكل الوسائل واذكر انه القى علينا خطبه عصماء برر فيها القرار الجائر واقنعنا بانه لا بد من تنفيذ الامر لكى يرجع الطلبه المفصولين لان وجودنا معهم فى مكان واحد من المستحيلات وسوف لن تتوقف المشاكل وفى نفس تلك الايام تم نقل الاستاذ نجم الدين سعيد من المتوسطه الى الثانويه وشارك فى اقناعنا لكى نرحل .
تم تزويدنا بخطاب لوزارة التربيه والتعليم وكان على راسها الاستاذ الكبير محمد توم التجانى عليه رحمة الله --لم تكن المواصلات متوفره فى تلك الايام ولا بد من انتظار اللوارى التى تمر من طريق امدرمان لتحميل او انزال بعض البضائع والخيار الاخر صعب حيث تبدا الرحله بالباخره حتى كريمه ثم بالقطار الى عطبره والخرطوم وتستغرق الرحله حوالى اسبوع كامل .
وفى يوم السفر كان الوداع حارا ورسميا حيث تجمهر الطلاب والاساتذه وودعونا وداع الابطال (ونحن نستاهل )غادرنا كورتى ونحن فى شوق وخوف من الوصول للخرطوم فاكيد سوف لن يرضى الاهل بهذه الامور وسوف نتعرض للعتاب الشديد فقررنا الذهاب مباشرة الى حيث ميز العذابه فى الختميه بحرى ولن يخلو الامر من العتاب والتانيب ولكن اخف من الاخرين فى كل الاحوال وفيما بعد سمعنا ما لايعجبنا مرات كثيره وتستمر المسيره حيث البحث عن مدرسه بها داخليات للسكن ولم يكن ذلك بالامر اليسير
ها قد وصلنا الخرطوم ونفذنا ما اتفقنا عليه من السكن مع الاخوه والاعمام بالعذابه فى ميز بحرى الختميه وكالعاده كان الاستقبال والحفاوه من الجميع والضيافه ثلاثه ايام وبعدها تظهر الاستفسارات ومعها الانتقادات وبكل الالفاظ ومن الجميع بلا استثناء ونحن فى صمت وعاجزين تماما عن مجرد الدفاع عن ما حدث لان الرد او المجادله قطعا سوف تحسب فى خانة قلة الادب وربما اضطر البعض لاستخدام العقوبه الاخرى ( الجلد ) او العقوبتين معا المهم قطعنا الموضوع فى قلبنا واستمرت الامور وبدانا رحلة البحث عن مدرسه تاوينا وبخاصه لان المدارس فتحت ابوابها وبدات الدراسه قبل اكثر من شهر --احضر لنا الخال عبد الله محمد حامد (اوش الله ) خطابا من السيد سرالختم الخليفه رئيس الوزراء ووزير التلعيم الاسبق عليهم رحمة الله جميعا وكان الخطاب موجه للسيد يحيى وداد مدير مكتب السيد الوزير وهو عباره عن طلب مساعدة المذكورين اعلاه وامرهم يهمنا . اخذناالخطاب الى حيث الوزاره ومكتب السيد المدير ولم يقصر بل حرر لنا خطاب للسيد مدير مدرسة الجيلى الثانويه وللعلم كانت هنالك احداث كبيره بالمدرسه المذكوره وعلى اثرها تم فصل اكثر من مائة طالب وبالتالى كانت هنالك فرص بالفصول والداخليه وبعد استلامنا للخطاب لجأنا للعم الطيب عبد الله عيه رحمة الله وبدوره استعان بالسيد عثمان محمد احمد نائب منطقة المحس بمجلس الشعب عليه رحمة الله وهو خال مدير مدرسة الجيلى الاستاذ محمود محمد صالح عليه رحمة الله فى الحالتين (حيا او ميتا )استقلينا سيارة العم الطيب واخذنا فى طريقنا السيد عثمان وارتحلنا شمالا حيث الجيلى ومدرستها الحلم البعيد توجهنا على حسب طلب السيد عثمان الى حيث دار المدير ولم يكن موجودا بها ساعة وصولنا ولم يكن موجودا بالجيلى كلها --المهم استقبلتنا زوجة المدير ورحبت بنا ايما ترحيب واحضرت لنا الفطور والشاى وتم تسليمنا لحرم المدير لحين عودته وتم توصيتها لكى تكرم وفادتنا لحين وصول المدير وبعد رحيل الجماعه الى الخرطوم تشاورنا فى الامر وفضلنا الذهاب الى المدرسه للتعارف لحين وصول سعادة المدير وعندما تاكدنا من وصوله ذهبنا الى حيث الكنزل وطرقنا الباب بكل ادب وحياء وفتح الباب (باب جهنم بعيد عنكم ) ولكى اكون اكثر دقه كانت يد المدير مليئه باثار الطبيخ وكانه كان على مائدة الغداء انتهرنا قائلا ايوه عايزين ايه ولم نكمل الموضوع وبادرنا بان نرحل وبسرعه عن المدرسه وسوف يقوم بمقابلتنا عند الوزاره فى اليوم التالى لانه غير مستعد لقبولنا بالمدرسه )المدير كما اسلفت ابن اخت السيد عثمان وقطعا هو محسى من فريق )المه الجمت الدهشه كل حواسنا ونفذنا الامر وابلغنا عمنا الطيب بالامر وغضب غضبا شديدا للامر وطلب من السيد عثمان الحضور وبسرعه لامر هام --ذهبنا فى اليوم التالى الى حيث الوزاره وطبعا اخذنا المشوار على الاقدام لان المسافه ليست بعيده فقط الطريق من الختميه للكوبرى ومسافة الكبرى وبعدها الوزاره يعنى الموضوع حوالى ساعه بالتمام
ولحظنا الجميل صادفنا المدير بالباب واعلمنا بانه احضر خطاب الرفض للوزير شخصيا ونحن فى ذهول اكبر وفيما بعد علمنا سر هذه المعامله القاسيه اولها ان الخطاب كان بصيغةالامر وبدايته كالتالى على حسب اوامر السيد وزير التعليم الاسبق السيد سرالختم الخليفه وعلمنا انه كانت هنالك معركه كبيره بين الاثنين المدير والوزير والثانيه انه كان المدير يشغل منصب القنصل الثقافى بالسفاره السودانيه فى جده ايام الوزير فاروق حمد الله (فى العهد الشيوعى من انقلاب النميرى وكانت الوظيفه الاساسيه الموكله اليه هى محاربة الاساتذه المنتدبين بالسعوديه وكان معظمهم من التيار الاسلامى وهذا ما دفع الساده اعضاء مجلس الشعب وعلى راسهم عثمان محمد احمد ولجنة التعليم بالمجلس حيث تبنوا قضيتنا وتم تدويلها فى لحظات فاقت تدويل قضية دارفور فى الزمن الحديث
المهم اصبحنا قضيه عامه ونحن فى ذهاب واياب الى حيث البيت بالختميه احيانا كثيره راجلين لتوفير بعض ما تبقى معنا من ملاليم وكلما خارت القوى واصبحنا قريبين للاستسلام يقوم اخى صلاح بانشاد الابيات الحماسيه ومنها--- مشيناها خطا كتبت علينا ومن كتبت عليه خطا مشاها
وهكذا استمر الحال وخارت القوى الجسمانيه والماديه واهتدينا الى الجماعه فى جامعة الخرطوم العريقه حيث الداخليات والرفاهيه المطلقه والكل ياكل والكل ينوم فى الداخليات وكان نصيب الاخ صلاح السكن مع بعض الاخوان على حسب اختياره وسكنت انا مع اخونا عبدالله بصيرى وهكذا ضمنا السكن والاكل وبعضا من المصاريف وكانت ايام لها ايقاع وجرس وطعم ولون
مرت ايام وليالى ونحن فى انتظار الفرج القريب وبعد قضاء ايام جميله فى ضيافة اخى عبد الله بصيرى بداخليات جامعة الخرطوم اثرت التنقل ما بين بيتى اعمامى محمد على والطيب عبد الله وكذا اخى صلاح قضى تلك الايام مابين المزاد والصحافه فاحيانا اعرف اين يقيم واحيان اخرى يتعسر على معرفة التفاصيل --المهم نلتقى كل صباح بحوش الوزاره فى انتظار جماعة مجلس الشعب الموقرين واخذت الامور فى تعقيدات لايمكن السكوت عليها لاننا تاخرنا كثيرا عن الدراسه .
تدخل البعض فى تهدئة الامور وكان منهم الاستاذ يحيى وداد مدير مكتب الوزير والاستاذ امين محمد احمد كعوره وكيل الوزاره للتليم الفنى والاكاديمى وطلبوا ارجاء موضوع معاقبة السيد مدير مدرسة الجيلى الى وقت آخر وتكون الاولويه البحث عن مدرسه بديله لكى لا تفوتنا الدراسه وخاصة اخى صلاح كان بالسنه النهائيه وامتحانات الشهاده السودانيه --تم تحديد يوم معين لمقابلة السيد وزير التربيه والتعليم شخصيا وكانت المقابله حارا جدا من قبل السيد الوزير محمد توم التجانى وشرح لنا وبصوره ابويه انه قادر على فرض الامر الواقع على مدير المدرسه وبموجب سلطاته ولكن لمصلحتنا يجب عدم التمادى فى ذلك وطرح علينا خيارين مدرسة عطبره الثانويه والكاملين الثانويه واختلفنا لاول مره انا واخى صلاح فانا اخترت عطبره واختار هو الكاملين وذلك بحجة وجود بعض الاقارب هناك --طلب منا السكرتير الخروج والتشاور ولكنني اثرت القبول باختيار الأخ صلاح -- قام سعادة الوزير بتحرير خطاب بخط يده موجه لمدير مدرسة الكاملين الثانويه وكان مدير المدرسة الشيخ العلامة محمد حامد التكينه عليه رحمة الله وكان عضوا بالبرلمان الاخير قبل انقلاب البشير الترابي وذلك بعد ان فاز فى دوائر الخريجين على الدكتور الباقر احمد عبد الله (جريدة الخرطوم )
استلمنا الخطاب وتوجهنا فى اليوم التالى الى حيث الكاملين وكانت المرة الأولى التي نزور فيها مديرية الجزيرة او حتى سوبا جنوبا .
وصلنا عند صلاة الظهر الى محطة الكاملين ونزلنا بمطعم وكافتيريا وتناولنا بعض الاكل على حسب الجيب (لم نشبع لقناعتنا بان الشبع مضر فى مثل حالتنا تلك )اخذنا الامتعه المكونه من الشنط الحديديه والمراتب فى انتظار اى وسيله تحملنا الى حيث المدرسه وكانت المفاجأه حيث تقدم منا ثلاثة من الشباب وعرفوا انفسهم (عز الدين العيدج ومعاويه عبد الله الترابى وآخر لا تسعفنى الذاكره )حاليا الدكتور معاويه الترابى بالرياض بجامعة الملك سعود ومازالت العلاقه مستمره والمفاجأه الاخرى كانت عندما سالنا الاخ معاويه هل انتم الاخوه صلاح الدين ومحمد حجازى بالنسبة لى الجمتنى الدهشه ولكن الامر كان عادى جدا بالنسبه للشيخ صلاح ---اوقفوا عربة اجره وحملوا امتعتنا واتجهنا الى حيث المدرسه ووجدنا الشيخ عصام احمد البشير فى انتظارنا واكرم وفادتنا ودخلنا معه الى حيث الغرفه المخصصه له بالداخليه وكانت غرفه مجهزه تليق بالساكن والضيوف وبعدها دعينا لتناول الغداء الذى احضر من السوق وجاملنا الرجل لاننا سبق وتناولنا بعضا من الغداء --ادينا صلاة العصر خلف الامام الشيخ عصام وجمع من الطلبه وهكذا مر ذلك اليوم الاول ونحن فى ضيافة عصام البشير وقمنا بشرح الامر للاخوه ولكن لم يكن الرد بالشئ المستحب لاننا علمنا منهم بان المدرسه ليست بها اماكن ومزدحمه جدا وكذلك الداخليات ولا توجد كراسى ولا سراير --فى اليوم التالى ذهبنا للاداره وفمنا بتسليم المدير الخطاب وطار المدير فرحا ونادى السيد وكيل المدرسه الاستاذ يوسف ثابت واعطاه الخطاب وهكذا تداولوا الخطاب وهم فى دهشه شديده كيف يمكن مساعدتنا ونحن نحمل ذلك الخطاب الهام جدا والخطير فى آن .
شرلاح لنا السيد المدير الظروف الت تمر بها المدرسه وانه على اتم الاستعداد لقبولنا ولكنه غير مسئول عن الاجلاس والنوم وعلينا تدبر الامر ولكنه طلب منا الذهاب اولا الى ادارة التعليم بمدنى وشرح الامر واذا لم نوفق علينا الحضور مرة اخرى والرضى بالموجود --تركنا بعضا من امتعتنا الثقيله بغرفة الشيخ عصام وتوجهنا الى مدنى وكانت لنا واسطه قويه جدا متمثله فى شخص انب الخال والخاله سعيد محمد سعيد وهذه ليست مزحه بحق كان الرجل صاحب كلمه فى الاداره وله معارف كثر ولكننا اصطدمنا بحجر كبير وكاؤود وهو اننا قدمنا من أداره تعليميه اخرى ولا بد من الرجوع للوزاره لاستصدار خطاب اخر موجه لادارة تعليم الجزيره ولكنا اثرنا الرجوع والرضى بما عرضه علينا المدير للحاق بما تبقى من العام الدراسى --ورجعنا الى الكاملين لتدبر الامر
قضينا ليلتنا تلك في مشاورات مكثفه فى كيفية حل المعضلة التي شلت تفكيرنا تماما وبخاصة لأننا حديثي عهد بتلك المدن القصيه ---وفى الصباح توكلنا على الباري القدير وذهبنا الى حيث المدرسة في انتظار وصول المدير من قريته التكينه ولم يطل انتظارنا فوصل المدير وهو فى كامل حلته المكونه من الجلباب والقفطان والعبايه والشال والعمامه وعصا من نوع الركابه -سمح لنا بالدخول ومقابلة المدير ورحب بنا وكرر علينا نفس المشاكل التى تواجه المدرسه والنقص والعجز واشياء اخرى وعموما سوف يقبلنا بالمدرسة مع عدم الالتزام بتوفير السراير والكراسى والادراج قبلنا لعدم وجود خيار آخر ولاننا فى سباق مع الوقت وذهبنا مباشرة إلى حيث غرفة الشيخ عصام وبدانا رحلة التفكير فى المصير من اين لنا النقود لكى نشترى سراير اما موضوع الكراسى والادراج فيمكن حلها بمشاركة الاخوه الزملاء ولكن السرير ليس له حل --لاحت لنا بوادر حل حيث علمنا بوجود اثنين من اعمامنا الدناقله من جهة زورات واقجا يعملون كطباخين وسفرجيه بمطعم المدرسه احدهم يسمى عبد اللطيف ونسيت اسم الاخر ونصحونا بان نذهب لمستودع المدرسه واحضار بعض اجزاء العناقريب وتركيبها ونساجتها وبذلك نوفر بعضا من المصاريف (الجنس على الجنس رحمه ) المهم ذهبنا الى حيث مستودع التوالف وقمنا بتجميع عنقريبين ووفرنا الحبال من السوق بمساعدة الاخوه الزملاء ومنذ الصباح الباكر ومع بداية الحصص باشرنا العمل فى نسج العناقريب حيث اننى خبير فى النساجه وبنوعين مختلفين (العربى وظهر التمساح ) وبدا اخى صلاح فى فرد وجر الحبال الى مسافات بعيده وبدات النساجه وكان ذلك بالفارنده الخلفيه للمدرسه وعند الظهر خرج المدير كعادته للاذان للصلاه ولا يهمه من فى الفصول والدروس فالمهم اقامة الصلاة فى موعدها عندها لاحظ وجود حركه غير عاديه واقترب منا وانتابنا شئ من الخوف لكيلا يطردنا لهذه الفعله الشنيعه ولكن كان العكس حيث قام المدير باستدعاء المدرسين والطلبه وتحلقوا حولنا وبدا المدير فى القاء خطبه عصماء عن المعانى والدروس والعبر التى يمكن الاستفاده منها من هؤلاء التلاميذ المجتهدين والذين لم تقعدهم المصاعب بل تحدوها وهاهم امامكم يضربون اعظم الامثله وتصفيق حار جدا وعندها تنفسنا الصعداء وواصلنا العمل وانتهينا من كل الترتيبات مع غروب شمس ذلك اليوم ونمنا على سرايرنا الخاصه دونما مضايقه لاحد وبقى الاخ صلاح مع الاخ عصام بالغرفه وتم استيعابى بالعنبر القريب وكان به الاخ معاويه الترابى واخوه يحيا وآخرون اما الدراسه فكنا نجلس على الشباك او نتقاسم الكرسى مع احد الاحباب ونحمل الكتب والكراسات الى حيث الداخليه يوميا ونرجع بها فى الصباح وكنا قد فارقنا هذه الطريقه فى المدرسه الاوليه ولكننا رجعنا الى حيث كنا وكله يهون فى سبيل العلم والتعلم .
مرت بالمدرسه احداث كثيره وخطيره بسبب رداءة الاكل وتاخر وصول الخبز واشياء اخرى وكانت للمدير كلمة مشهوره وهى انه لايريد طلبه همهم بطونهم انما يريد طلبه همهم عقولهم وفى احدى المرات حدث جدال بين المدير واخونا عصام البشير عندما خطب فينا المدير قائلا ابنائى اذهبوا الى فصولكم واعملوا صالحا واحفظوا دروسكم ثم اذهبوا الى السفرة وخذوا عيشكم ساخنا ثم ارجعوا الى درسكم يرحمكم الله عندها انبرى له عصام البشير وقال له ان اان اكل الطيبات متقدم على عمل الصالحات فعليه علينا الاكل اولا من الطيبات وبعدها نعمل الصالحات اذا كانت الدراسه بهذه المدرسه من الصالحات وكان يوما مشهودا حيث استمعنا الى درر الحديث من امهات اللغه العربيه ومثيلاتها وتدخل اخونا حيدر ارباب وهو من ابناء التكله وكان من اشد الاخوان تمسكا فقال للمدير كفى انصاف حلول وتراقيع نريد حلا نهائيا لهذه المشكله وبادره المدير (ياود الارباب انا تقول لى انصاف حلول وتراقيع سامحك الله )هكذا كانت التربيه والتعليم بالمعنى المعروف والمطلوب فكانت بحق تربيه قبل التعليم واتمنى ان تكون كذلك الان[b]
اخونا الشيخ عصام من ابناء تندلتى بحر ابيض ووالده من اكبر تجار المحاصيل هنالك ,لذلك كان يعيش فى مستوى مقدر وامكانيات عاليه وذو علم ومقدره على الخطابه بصوره فائقه لذلك كانت له مكانه خاصه بالمدرسه وبالمدينه الكاملين ححيث كان يقيم الليالى والندوات الدينيه فى مناسبات عده بمساجد البلد وكانت له مواقف وخطب لمواساة الناس فى المقابر المقابله للمدرسه ويحضر الدفن ويخطب فى الناس وهكذا الى ان جاء انقلاب حسن حسين والذى لم يدم لاكثر من ساعات وتم اعتقاله من داخل المدرسه وحاولنا الوقوف ضد القوة المرسله لاعتقال اخونا عصام ولكن طلب منا هو وادارة المدرسه عدم التدخل لكى لا تتفاقم الامور وقضى اكثر من شهرين فى المعتقل بسجن مدنى وعاد وهو اقوى واصلب وللتاريخ فان الاخ عصام هو اول من اعلن الخروج على شيخه الترابى واعلن ذلك صراحة ورفض المصالحه التى تمت مع النميرى 1976م ومرت علينا احداث كثيره وكبيره وخرجت من التنظيم لاسباب كثيره وكبيره فى بطن الشيخ اخى صلاح الدين ووصلت الامور الى حد القطيعه ولكن عادت الامور الى سابقها لاننا وحيدين فى تلك الغربه ولن تفرقنا تنظيمات وخلافه وفى الدوره المدرسيه التى كانت تصفياتها بالحصاحيصا حدث لنا حادث اليم وذلك بعد انتهاء مباراتنا المؤجله مع الحصاحيصا الحكوميه فى كرة الطائره وكنت احسن واحد يرسل (السيرف )وكانت النتيجه انتصار الجماعه فى الحصاحيصا واستقلينا اللورى الذى انقلب قبل مغادرة حوش المدرسه واصبت فى قدماى الاثنين واحده تهشم فى الركبه اليسرى وجروح واخرى تمزق فى العضلات وذلك لوقوع اللورى على الجزء الاسفل ولولا وجود اخونا المرحوم محمد بله تحت اللورى لانقطعت رجلاى ولكن الله ستر والحمد لله تم نقلنا الى مستشفى ابو عشر الصينى انا وحوالى 17 من الذين اصيبوا اصابات بالغه وبقى حوالى اربعين طالب بحوادث مستشفى الحصاحيصا العام وكان ذلك فى منتصف الليل وتوفى باليوم الثانى اخونا معاويه محمد احمد ابا دول وهو من بقايا الدناقله وتجار الكاملين الكبار اى والده وتوفى بعد شهور ابوعبيده عليهم رحمة الله وفى صباح اليوم التالى وجدت اخى صلاح بجانبى فى المستشفى وبكينا كثيرا وتعاطف معنا كل من بالمستشفى ولازمنى لمدة اسبوع كامل حتى تماسلت للشفاء ولكن الحركه كانت متعسره كثيرا وقررنا الخروج والذهاب الى الخرطوم لكى ينتشر الخبر ويتكبد الاهل عناء السفر الى ابوعشر البعيده --استقلينا تاكسى من المستشفى لكى نذهب الى الشارع الرئيسى ومنها ناخذ الباصات الى الخرطوم وقبل وصولنا للشارع باقل من مائة متر شاهدنا عمنا عبد المنعم محمد حسن حقار (اطال الله فى عمره ) وهو بداخل سيارة اجره تابعه للكاملين واوقفنا التاكسى وكان فى زيه العسكرى حيث حضر من المركز مباشرة بمجرد سماعه باخبار الحادث ولما وصل مدرسة الكاملين علم بالتفاصيل والى حين وصوله للمدرسه لم يكن لديه اى معلومات عن من هو الذى بالمستشفى وبعدها اخذنا الباص الى الخرطوم ومن المحطه السوق الشعبى عرض على الذهاب الى منزل العم محمد على عليه الف رحمه وهنا تتجلى معانى الاصول والواجب والتجرد وكان بامكان عمنا عبد المنعم ان ياخذنى مباشرة الى منزله ولكن تصرف على حسب الاصول والواجب وتقدير الامور وانتشر الخبر وتواصلت مواكب الاهل من كل انحاء العاصمه وقضيت حوالى شهر بالخرطوم ثم رجعت الى المدرسه
ونتج عن الحادث تمزق بالغضروف بالركبه اليسرى وما زلت اعانى منها الى يومنا هذا والحمد لله ولاخى صلاح بعض الطرائف والقصص مازال يحتفظ بها ومنها الكثير من الخيال عن ما حدث فى المستشفى ولكنى اذكر منها اننى طلبت منه ان نترك المستشفى لوفاة عدد من المرضى المجاورين لى فى العنبر فطلبت منه المغادره لكى لا ياتينى الدور ولكنه اضاف من عنده بعض الاضافات . انتهت الامتحانات للشهاده السودانيه وانتقل الاخ صلاح وعصام الى جامعة الامام محمد ابن سعود الاسلاميه بالرياض وانتقلت انا الى الصف الثالث وبعد رحيل الاخوه بدات معى مشاكل كبيره وكثيره حيث حضرت من المدرسه ووجدت سريرى خارج العنبر وعند الاستفسار ذكروا لى بان معاويه الترابى هو من اخرج السرير وعندها تعاركنا ووصلت الامور للاداره ولم يتم انصافى وعندها قررت ان اخوض تجربة اخرى نكاية فى الجماعة وذهبت الى مدنى وسجلت نفسى بشعبة الطلاب واخترت امينا لشعب الطلاب بشمال الجزيره فرع الاتحاد الاشتراكى وهى من الفترات التى سوف لن اسامح نفسى فيها ما حييت وهى نقطة سوداء ارجو ان اكفر عنها وانا على قيد الحياة . وعندها اخذت الامور منحا اخر ومعارك جانبيه مع الادارة والطلبه واحضرت المكتب السياسى لتنظيم الشباب العام من الخرطوم وقادة العمل كلهم وكان حضورهم حدثا كبيرا حيث كان الموكب حوالى سبعة سيارات حكوميه من الاتحاد الاشتراكى الامانه العامه وعقدنا ندوه مع معارضة المدير والاداره ولكنها تمت بقوة السلطه ومن يومها تغيرت الاحوال والعلاقه مع الزملاء والاداره وبعدها قدت عمل تخريبى ضد المدرسه لعدم استجابتها للاعتصام والاضراب عن الطعام الذى نفذناه احتجاجا على رداءة الاكل ونتج عن ذلك تكسير السفره والادوات الخاصه بالمطبخ وللتاريخ لم اامر بذلك ولكنها تمت من بعض المندسين وعليها تم طردى انا وبعض الاخوه اعضاء اللجنه وكنا حوالى احدى عشر طالب طردنا من الداخليه وقمنا بعمل ترتيبات لاستئجار مسكن بالمدينه وعندما سمع الجماعه فى حوش عمنا عبد الله محمد احمد وهو ابن خالة الحاجه امنه واخوانها عليهم الرحمه جميعا وسكنت معززا مكرما بحوش المرحوم عبد الله مع ابنه ربيع وتمتعت بخدمات ورعايه تماثل ما كنت القاه من والدتى واخوتى حيث اختنا نعمات عليها الرحمه ووالدتها الحاجه زينب بنت الضوء بنت ادريس نبق عليهم رحمة الله جميعا ومن خلال ذلك الحوش العامر تعرفت على اهلنا الحقاقير واحتفوا بى ايما احتفاء وطالبوا بضمى الى حوش ود حقار الكبير ولكن باءت كل محاولاتهم بالفشل وكنت ازورهم مرارا واجبر بخاطرتهم عندما يسمح لى بالمبيت بالحوش الكبير وقابلت جدتنا الكبيره زينب بنت حقار الكبير وكانت تسكن الضفه الشرقيه المعروفه بمتمة الكاملين وحكت لى قصص مثيره عن بطولات جدودها الفراس عبد الله ومحمد ونصر والنور ابناء حقار الكبير وتوفيت عن عمر ناهز المائه وخمسة عشر وكانت وفاتها فى عام 1992م وهى فى كامل قواها العقليه ومن حوش ود حقار اسرة ام الحسن بت عبد الله وحسن عثمان حقار ومحمد علوب حقار واخرين وتواصلت العلاقه وتوطدت الى يومنا هذا ومازال عمنا عبد المنعم حقار والجماعه فى الدروشات على صله واتصال فى كل المناسبات ووصل اخى صلاح من السعوديه وحضر للمدرسه وحاول اعادة علاقتى الى سابقها مع الدير ولكنه تمنع ووصفنى باوصاف سكت عنها لاننى فى حضرة اخى صلاح وفى النهايه تصالحنا ومن اشهر العبارات التى وصف بها صلاح عند دخولنا للمكتب اهلا ومرحبا بابننا صلاح الدين خير ما تبقى من ال موسى وعمران اما انت يا ابو راس كبير لان شعرى كان غزيرا وطويلا على موضة تلك الايام
قال انت عندك شيطان قدرك فى راسك واخرج من المكتب الان وطيبنا خاطره بكلمات مؤثرات من اخى صلاح وتجاوزت عنها لانه وصفنى بطيش الشباب والجهل وخلافه واكلتها حامضه ومره ولكننى تحملت من اجل اكمال ما تبقى من العام
وعلمت فيما بعد بان الشيخ التكينه ذكرنى بالخير عندما حضر للرياض فى زيارة لابنه وللعلاج وبعدها بوقت قصير انتقل الى رحمة الله ولم تسنح لى فرصة اللقاء به --والتقينا مرة اخرى انا واخى صلاح الدين بالرياض عللا مشارف العام 1978م وما زالت علاقتى اكبر واجمل واجود وامتن واقوى مع اخى الحبيب صلاح الدين خيرى سعيد مع بعد المسافات وطول الزمن ---اتمنى ان ينال هذا الاجتهاد حظا من الاهتمام والاطلاع وابداء الراى وكل همى هو التوثيق واعطاء الابناء والاخوه بعضا من دروس الحياة القاسيه التى مرت علينا ---هذا وبالله التوفيق ---محمد حجازى عبد اللطيف سابل 1/4/2010
عدل سابقا من قبل محمد حجازى عبد اللطيف في الخميس أبريل 01, 2010 6:59 pm عدل 1 مرات